Wednesday, May 22, 2019

سرّ حوادث الاغتصاب في المجتمع الذي يرفض المدنية الحديثة

في مقاطعة مانيتوبا، تلك المستعمرة التي تدين بمذهب المينوناتية المسيحي، والمنعزلة في بوليفيا، والتي رفض سكانها مظاهر المدنية الحديثة، ألقي القبض على مجموعة من الرجال عام 2009، وأدينوا في قضايا اغتصاب واعتداءات جنسية ضد 151 امرأة وفتاة بينهن أطفال صغار.
لكن لماذا يضغط زعماء مانيتوبا اليوم لإطلاق سراح هؤلاء الرجال من السجن؟
في مانيتوبا التي يسكنها 1800 شخص، تمتد طرق متربة بين حقول الصويا وعباد الشمس وتربط بين المنازل المتباعدة. وفي الطرق الترابية الموحلة تشقّ الإطارات الحديدية للمركبات التي تجرها الخيول، مسارا لنفسها. أما الإطارات المطاطية والمركبات التي تعمل بالموتور فهي محظورة كونها عصرية.
ويعمّ الحياة سكون وهدوء قد يخرقه أحيانا مرور حصان يهرول ساحبا وراءه عربة تحمل نساء ترتدين قبعات مصنوعة من القش ورجال يرتدون سراويل داكنة بحمّالات.
تلك هي وسيلة النقل الرئيسية في مانيتوبا. ويُحظر على أعضاء المستعمرة قيادة سيارة أو دراجة نارية، بل ويعاقَب بالحرمان من جانب الأسقف والقساوسة.
في عيون الأجانب، تبدو مانيتوبا وادعة، بل وغامضة، تبدو ملاذا من العالم العصري. كان ذلك حتى يونيو/حزيران 2009، عندما تلقى المدعي العام بمنطقة سانتا كروز اتصالا من ضابط شرطة في منطقة كوتوكا شرقيّ بوليفيا.
ويتذكر فريدي بيريز، المدعيّ الذي حقق في القضية: "قال لي، بعض المينوناتيين أحضروا رجالا هنا قالوا إنهم مغتصِبون".
ويضيف بيريز "إن فكرتنا عن المينوناتيين في بوليفيا أنهم يعملون من السادسة صباحا حتى التاسعة مساء، وأنهم متدينون للغاية، وأنهم لا يرقصون ولا يشربون الخمر. لذلك، لما جاءتني تلك المكالمة من الضابط لم أستطع تصديقها."
لكن الكثيرين في مانيتوبا، عاشوا لشهور وربما لسنوات يعلمون أن ثمة شيئا مريبا حدث.
يقول أبراهام (اسم مستعار)، وهو والد فتيات مراهقات في ذلك الوقت عام 2009 "بالليل سمعنا نباح الكلاب، لكن عندما خرجت أنظرْ لم أرَ شيئا".
ويتذكر: "في الصباح لم نستطع النهوض لأننا كنا شبه مخدرين. لم نستطع الحركة .. لم ندر ما حدث، لكننا علمنا أن شيئا قد حدث. ولم يكن ذلك لمرة واحدة... لقد حضر هؤلاء الرجال إلى هنا مرّتين".
في ظل تخدير الأسرة بالكامل، تعرضت بناته لاعتداء رجال اقتحموا منزله. وفي ذلك الوقت، منع الخزي الفتيات من إخبار والديهم.
يقول المدّعي بيريز: "دفعتهم معتقداتهم الدينية إلى الظن بأن سوءا وشرّا حلّ بالمستعمرة".
ويضيف: "وفي الصباح كانوا مصابين بصداع ... واستيقظت النسوة وعليهن سوائل منوية، وتساءلن لماذا هن بلا سراويل داخلية. ولم يناقشن الأمر مع جيرانهن".
لكن حدث أن بعض النسوة بدأت في التحدث، وانتشرت القصص.
يقول أبراهام: "كا ن ذلك موضوع حديثنا اليومي، لكننا كنا قلقين من إخبار السلطات. فقط لم نكن نعرف كيف نتعامل مع الأمر".
وعلى الرغم من أن المستعمرات المينوناتية التسعين هي معاقل الإنتاج الزراعي البوليفي، فإن معظمها يحظى بحكم ذاتي. وتعود جذور المينوناتيين إلى ألمانيا وهولندا في القرن السادس عشر. إنهم مسالمون يمارسون طقوس تعميد البالغين ويعتقدون بوجوب البساطة في أسلوب الحياة.
لقد لجأوا إلى بوليفيا بحثا عن الحرية الدينية والأرض والعزلة وعبروا في طريقهم روسيا وكندا والمكسيك. وعادة ما يرتحلون عندما يتهدد شيء استقلاليتهم.
لكن في ظل تواتر التقارير عن اعتداءات جنسية في هذا المجتمع الصغير، واجه سكان مانيتوبا مستوى صادما من السلوك الإجرامي على نحو لا يمكن تجاهله.
لكن المستعمرة كانت على موعد مع الأحداث. وفي إحدى ليالي يونيو/حزيران قبل عشر سنوات، قُبض على شاب داخل منزل أحدهم، واحتجزه رجال محليون. ثم لحق به ثمانية آخرون، كلهم مينوناتيون، ومن مانيتوبا عدا واحد فقط.
يقول أبراهام إن الرجال التسعة اعترفوا، قبل تسليمهم للشرطة البوليفية، وتحدثوا بالتفصيل عن الهجمات.
"لقد أخبروني أنهم اقتحموا منزلي وفعلوا ما أرادوا. كانوا أربعة".

No comments:

Post a Comment